الشاب المسيحى

الشاب المسيحى
تذكر: الرب بيحبك وعايز يعمل بيك حاجة حلوة فقط اعطيه قلبك الان وهو سيعمل بجمال

----------------------------------------------------------------------------------------------------------------


مرحبا بك ايها الزائر .....

كثير من الاسئله تدور فى رأسك نتمنى ان نجيب عليها

رسالة
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
اهلا بكم يا زوار المنتدى


نأسف لعد اكتمال المواضيع والفئات بالمنتدى
لكنة يتم العمل فى المنتدى
وسوف يتم عرض مواضيع شيقة جدا فى امور متعلثة بالشباب



زرونا دائما ولاتنسونا سوف يتم عرض كثير من
المواضيع الشيقة

شكرا
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
يمكنك التسجيل او الدخول ان كان لديك حساب
ان كنت تريد التشارك معنا .

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الشاب المسيحى

الشاب المسيحى
تذكر: الرب بيحبك وعايز يعمل بيك حاجة حلوة فقط اعطيه قلبك الان وهو سيعمل بجمال

----------------------------------------------------------------------------------------------------------------


مرحبا بك ايها الزائر .....

كثير من الاسئله تدور فى رأسك نتمنى ان نجيب عليها

رسالة
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
اهلا بكم يا زوار المنتدى


نأسف لعد اكتمال المواضيع والفئات بالمنتدى
لكنة يتم العمل فى المنتدى
وسوف يتم عرض مواضيع شيقة جدا فى امور متعلثة بالشباب



زرونا دائما ولاتنسونا سوف يتم عرض كثير من
المواضيع الشيقة

شكرا
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
يمكنك التسجيل او الدخول ان كان لديك حساب
ان كنت تريد التشارك معنا .

الشاب المسيحى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الشاب المسيحى

تذكر : الرب بيحبك وعايز يعمل بيك حاجة حلوة فقط اعطيه قلبك الان وهو سيعمل بجمال

قاوموا ابليس فيهرب منكم
احبوا اعداءكم

تصويت

دخول

لقد نسيت كلمة السر

Our Services

انجيل متى اصحاح 3 Follow12انجيل متى اصحاح 3 Facebo12انجيل متى اصحاح 3 Twitte10انجيل متى اصحاح 3 Pray11انجيل متى اصحاح 3 Youtub12انجيل متى اصحاح 3 Sms13انجيل متى اصحاح 3 Counse11

المواضيع الأخيرة

» When U face problems ...
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالأربعاء أغسطس 22, 2012 1:37 am من طرف المدير العام

» الله ايضا للأمم ..!
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالثلاثاء أغسطس 21, 2012 10:37 pm من طرف المدير العام

»  هل يسوع المسيح هو الله؟ هل أدعي يسوع المسيح بأنه الله؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالجمعة فبراير 10, 2012 10:10 am من طرف المدير العام

» من هو يسوع المسيح؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالجمعة فبراير 10, 2012 10:06 am من طرف المدير العام

» .. Follow US On
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالأربعاء فبراير 08, 2012 9:00 am من طرف المدير العام

» هل يمكن اثبات وحدانية الله؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:32 pm من طرف المدير العام

» لماذا يسمح الله بالكوارث الطبيعية، مثل الزلازل، والعواصف، والسونامي؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:30 pm من طرف المدير العام

» ما هو المعني بأن الله اله غيور (خروج 20:5 وتثنية 24:4)؟ اليست الغيرة شيء خاطيء (غلاطية 20:5)؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:29 pm من طرف المدير العام

» هل يستمع الله / ويستجيب لصلاة الخاطيء / الغير المؤمن؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:28 pm من طرف المدير العام

» هل يميز الله/الكتاب المقدس جنس عن الآخر؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:26 pm من طرف المدير العام

» هل مازال يصنع الله المعجزات؟ لماذا لا يصنع الله المعجزات كما كان يفعل في الكتاب المقدس؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:25 pm من طرف المدير العام

» هل الله ذكر أم أنثي؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:24 pm من طرف المدير العام

» هل يحب الله كل البشر أم فقط المسيحيون؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:23 pm من طرف المدير العام

» ماهو المقصود بمخافة الله؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:22 pm من طرف المدير العام

» من قام بخلق الله؟ من أين أتي الله؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:21 pm من طرف المدير العام

» هل مازال يتحدث الله الينا اليوم؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:18 pm من طرف المدير العام

» ما معني أن الله محبة؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:17 pm من طرف المدير العام

» لماذا تختلف صورة الله في العهدين القديم والجديد؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:16 pm من طرف المدير العام

» هل خلق الله الشر؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:15 pm من طرف المدير العام

»  لماذا يسمح الله أن تحدث أشياء سيئة لأناس طيبون؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:13 pm من طرف المدير العام

» ماذا يعلمنا الكتاب المقدس عن الثالوث الأقدس؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:11 pm من طرف المدير العام

» هل يعبد المسيحيون والمسلمون اله واحد؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:10 pm من طرف المدير العام

» صفات الله؟ من هو الله?
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين أبريل 25, 2011 4:08 pm من طرف المدير العام

» مشكلة جديدة من مشاكل الشباب هة الاحطاء المتكررة
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالخميس أبريل 14, 2011 7:36 pm من طرف المدير العام

» المحبة ....
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالخميس مارس 10, 2011 2:23 pm من طرف المدير العام

» الطبيعة الجديدة
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالجمعة مارس 04, 2011 10:48 pm من طرف المدير العام

» الطريق الى البيت
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالجمعة مارس 04, 2011 10:47 pm من طرف المدير العام

» الايمان ....
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالجمعة مارس 04, 2011 10:46 pm من طرف المدير العام

» رحلة مدى الحياة
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالجمعة مارس 04, 2011 10:33 pm من طرف المدير العام

»  ترنيمة بنندة عليك
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالأحد فبراير 27, 2011 8:23 pm من طرف المدير العام

» هل الله حقيقى؟ كيف أتأكد من أن الله حقيقى؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين فبراير 21, 2011 1:45 pm من طرف المدير العام

» هل الله موجود؟ هل هناك دلائل علي وجود الله؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالإثنين فبراير 21, 2011 1:43 pm من طرف المدير العام

» كيف أتغلب على الخطيئة فى حياتى المسيحية؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:39 pm من طرف المدير العام

»  كيف أعرف أرادة الله فى حياتى؟ ماذا يقول الكتاب المقدس عن معرفة أرادة الله؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:38 pm من طرف المدير العام

» من هو الروح القدس ؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:35 pm من طرف المدير العام

» هل يتم الحصول علي الخلاص بالايمان فقط أم بالايمان والأعمال؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:33 pm من طرف المدير العام

» هل يجب علي المسيحي أن يخضع لقانون العهد القديم (الشريعة)؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:32 pm من طرف المدير العام

» ما هو معنى الحياة ؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:30 pm من طرف المدير العام

» هل الكتاب المقدس حقا كلمة الله ؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:29 pm من طرف المدير العام

» ما هى المسيحية وبماذا يؤمنون؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:27 pm من طرف المدير العام

» صفات الله من هو الله ؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:23 pm من طرف المدير العام

» صفات الله من هو الله ؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:23 pm من طرف المدير العام

» هل يسوع المسيح هو الله ؟ هل ادعى ذالك ؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:19 pm من طرف المدير العام

» هل يسوع المسيح هو الله ؟ هل ادعى ذالك ؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:19 pm من طرف المدير العام

» من هو يسوع المسيح ؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:17 pm من طرف المدير العام

» هل الله حقيقى ؟كيف اتأكد من ذالك
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:16 pm من طرف المدير العام

» ها الله موجود ؟ هل هناك دلائل على وجودة ؟
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالسبت فبراير 19, 2011 12:14 pm من طرف المدير العام

» شريط تملي فاكر للمرنم هرماس سمير
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالأربعاء فبراير 16, 2011 10:22 am من طرف john samir

» ترنيمة كتر خيرك لمرنم منير حبيب
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالأربعاء فبراير 16, 2011 10:18 am من طرف john samir

» عرف تفسك للاعضاء
انجيل متى اصحاح 3 Emptyالأربعاء فبراير 16, 2011 2:20 am من طرف المدير العام

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

المدير العام - 110
انجيل متى اصحاح 3 I_vote_rcapانجيل متى اصحاح 3 I_voting_barانجيل متى اصحاح 3 I_vote_lcap 
john samir - 3
انجيل متى اصحاح 3 I_vote_rcapانجيل متى اصحاح 3 I_voting_barانجيل متى اصحاح 3 I_vote_lcap 
goodjojo - 2
انجيل متى اصحاح 3 I_vote_rcapانجيل متى اصحاح 3 I_voting_barانجيل متى اصحاح 3 I_vote_lcap 
steven - 1
انجيل متى اصحاح 3 I_vote_rcapانجيل متى اصحاح 3 I_voting_barانجيل متى اصحاح 3 I_vote_lcap 

الكتاب المقدس المسموع والمقروء

انجيل متى اصحاح 3 Images10

المنتدى بلغتك

مشكلة جديدة من مشاكل الشباب هة الاحطاء المتكررة

الخميس أبريل 14, 2011 7:36 pm من طرف المدير العام

الفيدو فى باج الشاب المسيحى على الفيس بوك


معلش يا شباب انا معرفتش اجيبة جاهز
لاكن ممكن تتفرجو علية كد
ا


النتيجة المرة

الإثنين فبراير 07, 2011 7:55 pm من طرف المدير العام

والنتيجة المرة


انى بقوم من النوم الاقى ضاعت منى ساعات كتير وان كم المذاكرة هو هو بس الوقت بقى قليل قوى فبتعب أكتر والألم بيذيد وآلاقى نفسى عايز أنام تانى وهكذا..


وأنا بمارس الشهوة أو بلجأ لمتعة الجنس بنسى ألمى وقتياً أو بالمعنى الى قلته بغرقه وكأنه مش موجود، بس مجرد ما …

[ قراءة كاملة ]
المشكلة الحقيقية

الإثنين فبراير 07, 2011 7:45 pm من طرف المدير العام

المشكلة الحقيقية:

هاقول باختصار شديد.. ان المشكلة هنا هى وجود ألم داخل الانسان نتيجة ما يتعرض له سواء من مذاكرة ومواد صعبه وضغوط من البيت والاصحاب والناس وخوف من الفشل، أو بسبب المشكلات المتنوعة الى بنتعرض ليها كلنا، سواء فى اطار البيت ومشكلات التواصل والتفاهم داخل الأسرة …

[ قراءة كاملة ]
مقدمة هامة للموضوع

الإثنين فبراير 07, 2011 7:41 pm من طرف المدير العام

مشكلة كبيرة بتواجة ناس كتير من الشباب ولاد وبنات، وهى الشكوى من مشكلات غريبة مش فى وقتها ومش لاقيلها حل..



يعنى مثلاً أيام الإمتحانات يحلى لى النوم الكتير، أو ابقى تخين قد كده بسبب كل ساعة عايز اكل، وكتير بيعانى من ضغط الشهوة والعادى السرية فى التوقيت ده،

ويقول أنا مش عايز …

[ قراءة كاملة ]
كيف يمكنني أن أصبح أبناً لله؟

الخميس يناير 27, 2011 6:03 pm من طرف المدير العام

"أما الذين قبلوه، أي الذين آمنوا باسمه، فقد منحهم الحق في أن يصيروا أولاد الله" (يوحنا 12:1).

"لابد وأن تولد ثانية"

لم يعد المسيح نيقوديموس القائد الديني بالسماء في الحال، بل قال له، "الحق الحق أقول لك: لا أحد يمكنه أن يري ملكوت الله الا اذا ولد من جديد" (يوحنا 3:3).

وعندما يولد …

[ قراءة كاملة ]

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

    انجيل متى اصحاح 3

    المدير العام
    المدير العام
    Admin
    Admin


    عارضة احترام القوانين : 100%
    عدد المساهمات : 110
    تاريخ التسجيل : 20/01/2011
    العمر : 29
    الموقع : https://elshabelmsehy.7olm.org

    انجيل متى اصحاح 3 Empty انجيل متى اصحاح 3

    مُساهمة من طرف المدير العام الجمعة فبراير 11, 2011 3:56 pm

    حفل التتويج

    عِمَاد الملك

    قبل أن يبدأ السيّد المسيح عمله بين شعبه كملك روحي كان يلزم إقامة حفل تدشين أو تتويج للملك الحقيقي عند نهر الأردن بعد أن هيّأ له سابق الملك ـ القدّيس يوحنا المعمدان ـ الذي تقدّم كملاك الرب يهيّئ له الطريق:

    1. سابق الملك 1-6.

    2. تهيئة الطريق 7-12.

    3. عماد المسيح 13-17.

    1. سابق الملك

    كان من عادات الشرق أن يسبق الملك رسول يهيئ له الطريق، والسيّد المسيح كملكٍ روحيٍ أعد لنفسه رسولاً سبق فأنبأ عنه بإشعياء النبي: "صوت صارخ في البرّيّة، اعدّوا طريق الرب، قوِّموا في القفر سبيلاً لإلهنا" (إش 40: 3)، وبملاخي النبي: "هأنذا أُرسل إليكم إيليّا النبي قبل مجيء يوم الرب" (مل 4: 5).

    يقول الإنجيلي: "في تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في بريّة اليهوديّة" [1]. لا يفهم من قوله: "في تلك الأيام" أنه بعد رجوع العائلة المقدّسة من مصر مباشرة، وإنما يقصد بها "في ذلك العصر" أو "في ذلك الزمان" وقد حدّد القدّيس لوقا عماد السيّد بنحو ثلاثين من عمره حسب الجسد (لو 3: 23)، وقد سبقه القدّيس يوحنا بأشهرٍ قليلة حينما بلغ الثلاثين من عمره، السن القانوني للخدمة الكهنوتيّة عند اليهود.

    كان القدّيس يوحنا يكرز "في برّيّة اليهوديّة"، ولم تكن برّيّة قاحلة، إنّما كانت تضم ست مدن مع ضياعها (يش 15: 61-62)، لكنها منطقة غير مزدحمة ولا مُحاطة بالحقول والكروم كبقيّة البلاد.

    لم يخدم القدّيس يوحنا ككاهنٍ في هيكل سليمان، لكنّه خرج إلى البرّيّة ليفضح ما وصلت إليه الطبيعة البشريّة، التي تخلّت عن عملها المقدّس كهيكل لله فصارت مملوءة جفافًا؛ صارت برّيّة قاحلة وقفرًا محتاجة إلى المسيّا الملك أن ينزل إليها ليرويها بمياه روحه القدّوس، فيجعلها فردوسًا تحمل ثمار الروح. يقول إشعياء النبي على لسان الطبيعة البشريّة المتعطّشة لعمل المسيّا الملك: "يسكب علينا روح من العلاء، فتصير البرّيّة بستانًا" (إش32: 15)، "تفرح البرّيّة والأرض اليابسة ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس، يزهر إزهارًا، ويبتهج ابتهاجًا ويُرَنِّم" (إش 35: 1-2). هكذا يقدّم القدّيس يوحنا البشريّة كقفرٍ للملك، فيحوّلها فردوسًا أبديًا، بل ويجعلها هيكله المقدّس. لقد حُرم يوحنا المعمدان من خدمة الهيكل الكهنوتية ليهيّئ الطريق لرئيس الكهنة الأعظم ربّنا يسوع، الذي يجعل من برّيتنا هيكلاً جديدًا سماويًا.

    لعلّ داود النبي قد رأى بروح النبوّة هذا المنظر، فتهلّلت نفسه فيه، إذ قدّم لنا في ذات البرّيّة مزموره الثالث والستين، فيه يقول: "عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء... التصقت نفسي بك. يمينك تعضدني" (مز 63: 1، Cool. لقد رأى داود النبي جموع التائبين على يديّ يوحنا المعمدان في هذه البرّيّة، وقد التهبت قلوبهم بالعطش، وعطش جسده لمياه نعمته... فجاء السيّد لتلتصق هذه النفوس به، وتستند بقوّته بكونها يمين الرب.

    ويرى القدّيس أمبروسيوس أن البرّيّة التي كرز فيها القدّيس يوحنا المعمدان هي الكنيسة التي قال عنها النبي إشعياء "لأن بنيّ المستوحشة أكثر من بنيّ ذات البعل" (إش 54: 1) فقد جاء كلمة الله حتى تثمر من كانت قبلاً مستوحشة وبرّيّة.

    كيف هيّأ القدّيس يوحنا المعمدان الطريق الملوكي؟ بالمناداة بالتوبة، قائلاً: "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات" [2]. كان كأسد يزأر في البرّيّة، فخرجت إليه أورشليم وكل اليهوديّة وجميع الكورة المحيطة بالأردن [5]. كانت كلماته أصيلة، ينطق بكلمة الرب كما هي بلا تنميق بشري أو مداهنة أو تدليل، تنبع عن قلب أمين وصادق، يحيا بما ينطق به اللسان، فكان للكلمة فاعليّتها. حقًا إن سرّ جاذبيّة رسالة يوحنا هو اختفاؤه في كلمة الله، وإعلان رسالته خلال حياته العمليّة.

    "التوبة" في اليونانيّة "ميتانية" وتعني تغيير الاتّجاه، فيعطي الإنسان لله الوجه لا القفا خلال اتّحاده بالمسيّا وذلك بعدما حوّل القفا لا الوجه نحو الله (إر 2: 27). لقد التقى شاول الطرسوسي بالآب خلال المسيّا القائم من الأموات، فتغيّر قلبه وفكره وكل اشتياقاته.

    لقد "اقترب ملكوت السماوات"، فصار على الأبواب، إذ جاء السيّد المسيح ليسكن فينا، ولم يعد بعيدًا عنّا. وكما يقول الرسول بولس: "الكلمة قريبة منك، في فمك وفي قلبك" (رو 10: Cool. أمّا طريق التمتّع بهذا الملكوت فهو إدراكنا بالحاجة إلى عمل المسيّا فينا؛ فإذ يَدين الإنسان نفسه ينفتح القلب لاستقبال عمل المسيّا فيه. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [جاء يوحنا ليقودهم إلى التوبة لا لكي يُعاقَبوا، وإنما خلال التوبة يدينون أنفسهم مسرعين إلى نوال المغفرة... فإنهم ما لم يدينوا أنفسهم لا يقدرون أن يطلبوا نعمته، وبعدم طلبهم هذا لا يمكنهم نوال المغفرة.]

    يقول القدّيس أمبروسيوس: [كثيرين يتطلّعون إلى يوحنا كرمز للناموس، بكونه يقدر أن ينتهر الخطيّة، لكنّه لا يقدر أن يغفرها.]

    لقد وصف إشعياء النبي القدّيس يوحنا المعمدان، قائلاً: "صوت صارخ في البرّيّة، أعدّوا طريق الرب. اصنعوا سبله مستقيمة" [3]. إنه الصوت الذي يسبق "الكلمة الإلهي"، وكما يقول الآب غريغوريوس الكبير: [من حديثنا تعرفون أن "الصوت" يكون أولاً عندئذ تُسمع "الكلمة"، لهذا يُعلن يوحنا عن نفسه أنه "صوت"، إذ هو يسبق "الكلمة". فبمجيئه أمام الرب دُعى "صوتًا"، وبخدمته سمع الناس "كلمة الرب" إنه يصرخ معلنًا: "اصنعوا سُبله مستقيمة"... إن طريق الرب للقلب يكون مستقيمًا متى استقبل بتواضعٍ كلماته للحق، يكون مستقيمًا إن مارسنا حياتنا في توافق مع وصاياه. لذلك قيل: "إن أحبّني أحد يحفظ كلامي ويحبّه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً" (يو 14: 23). أمّا من يرفع قلبه بالكبرياء، ومن يلتهب بحُمّى الطمع، ومن يلوث نفسه بدنّس الشهوة يغلق باب قلبه ضدّ مدخل الحق، ولئلا يقتني الرب المدخل فإنه يحكم الإغلاق بالعادات الشرّيرة.]

    يكمّل معلّمنا لوقا البشير هذه النبوّة بقوله: "كل وادٍ يمتلئ، وكل جبل وأكمة ينخفض، وتصير المعوجّات مستقيمة، والشعاب طرقًا سهلة، ويبصر كل بشرٍ خلاص الله" (لو 3: 5-6). ما هذه الوديّان التي تمتلئ خلال التوبة إلا وديان الأمم المنسحقة والمعترفة بحاجتها للمخلّص، هذه التي تمتلئ بمياه الروح القدس الواهبة للحياة. وما هذه الجبال والأكَمَة التي تنخفض إلا كبرياء إسرائيل ويهوذا، فقد تشامخ اليهود وظنّوا أنهم أبرار. فقد جاء يوحنا ليحطّم هذا الكبرياء والتشامخ حتى يستقبل المتّواضعون خلاص الله، فيصلح حال النفوس المعوجّة، وتتغيّر طبيعتها التي كانت كالشعاب القاسية لتصير سهلة. بهذا فإن خلاص الله مقدّم لكل البشر، اليهود والأمم!

    v ليُعدّ طريق الرب في قلوبنا، فإن قلب الإنسان هو عظيم ومتّسع، كما لو كان هو العالم. انظر إلى عظمته لا في كمّ جسداني، بل في قوّة الذهن التي تعطيه إمكانيّة أن يحتضن معرفة عظيمة جدًا للحق. إذن فليُعد طريق الرب في قلوبكم خلال حياة لائقة وبأعمال صالحة وكاملة، فيحفظ هذا الطريق حياتكم باستقامة، وتدخل كلمات الرب إليكم بلا عائق.

    العلاّمة أوريجينوس

    كانت صرخات يوحنا لا تخرج من فمه فحسب، وإنما تنطلق من كل حياته، تعلنها حياته الداخليّة ومظهره الخارجي، حتى ملبسه كان أشبه بعظة صامتة وفعّالة، وأيضًا طعامه. يقول الإنجيلي: "كان لباسه من وبَر الإبل وعلى حقويه منطقة من جلد، وكان طعامه جرادًا وعسلاً برّيًا" [4].

    يندهش القدّيس يوحنا الذهبي الفم كيف يتحدّث الإنجيلي عن رسالة القدّيس يوحنا المعمدان التي تنبأ عنها إشعياء النبي ليعود فيتحدّث عن ملابسه وطعامه! لقد قدّم هذا المظهر ليتذكّر اليهود إيليّا النبي الغيور، فقد جاء كإيليّا يسبق الرب. بهذا المظهر أيضًا قدّم لنا درسًا في الحياة النسكيّة والبعد عن الحياة المدلّلة، وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [ليتنا ننسى هذا النوع من الحياة المدلّلة والمخنّثة، فإنه لا يمكن أن تقوم الندامة مع الحياة المترفة في وقت واحد. ليعلِّمك يوحنا هذا الأمر بثوبه وطعامه مسكنه.]

    لم يلبس يوحنا الملابس الطويلة كالفرّيسيّين، ولا الملابس الناعمة كحاشية الملك، وإنما ارتدى الملابس اللائقة بالدعوة للتوبة.

    "واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم" [6].

    إذ كان يوحنا يكرز بالتوبة كانت الجموع تأتي إليه تطلب العماد على يديه، معترفين بخطاياهم. لقد عرف اليهود أنواعًا من المعموديّات منها معموديّة المتهوّدين الدخلاء. أمّا معموديّة يوحنا فجاءت رمزًا للمعموديّة المسيحيّة، جاء بها القدّيس يوحنا المعمدان ليهيّئ بها الطريق أمام معموديّة العهد الجديد. لم يكن لمعموديّة يوحنا أن تهب البنوّة لله، الأمر الذي انفردت به المعموديّة المسيحيّة لدخول السيّد المسيح "الابن الوحيد" إليها؛ ولم تكن تحمل في ذاتها القدرة على غفران الخطايا والتقدّيس، إنّما ما حملته من قوّة فقد استمدّته كرمز من قوّة المرموز إليه، كما حملت الحيّة النحاسيّة قوّة الشفاء خلال الصليب الذي ترمز إليه.

    v كان يوحنا يعمدّ بالماء لا بالروح القدس، فبكونها عاجزة عن غفران الخطايا، تغسل أجساد من يعتمدون بالماء، أمّا نفوسهم فلا تقدر أن تغسلها. إذن لماذا كان يوحنا يعمّد؟... إنه في ميلاده كان سابقًا لمن يولد، وبالتعميد كان سابقًا للرب الذي يعمّد، وبكرازته صار سابقًا للمسيح!

    الأب غريغوريوس (الكبير)

    v لنعالج باختصار الأنواع المختلفة للمعموديّة:

    موسى كان يعمدّ لكن في الماء، في السحابة والبحر، لكنّه فعل هذا بطريقة رمزيّة.

    يوحنا أيضًا عمّد، حقًا ليس بطقس اليهود، وليس فقط في الماء وإنما لمغفرة الخطايا، لكنها لم تكن بطريقة روحيّة كاملة، إذ لم يضف أنها "في الروح".

    يسوع عمّد ولكن في الروح، وهذا هو الكمال!

    توجد أيضًا معموديّة رابعة، تتم بالاستشهاد والدم، الذي اعتمد بها المسيح نفسه والتي هي مكرّمة جدًا عن الباقين...

    ومع ذلك توجد معموديّة خامسة وهي عاملة بالأكثر، معموديّة الدموع، حيث كان داود يُعوّم كل ليلة سريره ويغسل فراشه بدموعه (مز 6: 6).

    القدّيس غريغوريوس النزينزي

    2. تهيئة الطريق

    كان يوحنا يهيّئ الطريق للرب في القلوب، ليس بجمع الناس حوله ولحسابه، وإنما بالدخول بجماهير الشعب إلى حياة التوبة، معترفين بخطاياهم. وقد جاء الفرّيسيّون والصدّوقيّون إلى معموديّته بأجسادهم دون قلوبهم، لذا صار يوبّخهم هكذا: "يا أولاد الأفاعي، من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي" [7]. لم يكن يوحنا بالقصبة التي تحرّكها الريح فيهتز أمام هؤلاء القادة متملقًا إيّاهم، وإنما بقوّة كان يشتهي خلاصهم، فاضحًا الشرّ الذي فيهم، بدعوتهم "أولاد الأفاعي".

    اتفق القادة المتضادّون معًا ضدّ يوحنا كما اتفقوا معًا ضدّ المسيح نفسه، فقد كان الفرّيسيّون يمثّلون السلطة الكنيسة اليهوديّة والتقليد بطريقة حرفيّة قاتلة. وكان الصدّوقيّون يمثّلون الجانب المضاد للسلطة، ضدّ التقليد، ينكرون القيامة ولا يقبلون فكرة وجود الأرواح. كان الفرّيسيّون يتطلّعون إلى يوحنا أنه أكثر خطرًا من الصدّوقيّين في الثورة على السلطة، فقد خرجت الجماهير من كل المدن لترى مثالاً حيًا للحياة التائبة العمليّة، الأمر الذي يفضح الفرّيسيّين وكل رجال السلطة الدينيّة. أمّا الصدّوقيّون فإنهم مع مقاومتهم كانوا يرون في يوحنا من هو أخطر من رجال السلطة الدينيّة، فقد كسب الجماهير لصفّه، مقدّمًا لهم مفاهيم روحيّة تهدم أفكار الصدّوقيّين.

    على أي الأحوال، وقف القدّيس يوحنا أمام الفرّيسيّين والصدّوقيّين بكل قوّة يوبّخهم، ملقّبًا إيّاهم: "يا أولاد الأفاعي". وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [حسنًا دعاهم أولاد الأفاعي، إذ يُقال أن ذلك الحيوان عند ولادته تأكل الصغار بطن أمها وتهلكها فيخرجون إلى النور، هكذا يفعل هذا النوع من الناس، إذ هم قتلة آباء وقتلة أمهات (1 تي 1: 9) يبيدون معلّميهم بأيديهم.]

    يكمّل القدّيس يوحنا المعمدان حديثه مع الفرّيسيّين والصدّوقيّين، قائلاً: "فاصنعوا أثمارًا تليق بالتوبة. ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أبًا، لأني أقول لكم أن الله قادر أن يُقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم" [8-9].

    إن كان اليهود عامة، وقادتهم الروحيّين بصفة خاصة، يتّكلون على نسبهم جسديًا لإبراهيم أب الآباء، فقد أوضح القديس يوحنا لهم بطلان هذه الحجّة. فإن كانوا يدعون أنهم "أبناء إبراهيم" ففي الحقيقة هم "أولاد الأفاعي"، لأنهم لا يحملون إيمان إبراهيم الحيّ ولا يسلكون على منواله، وإنما حملوا شرّ الأفاعي فيهم. فالإنسان حسب فكره وتصرفاته يظهر ابن من هو؟ فالسالكون بغير حكمة يدعون "أبناء الحماقة" (أي 30: Cool، والذين يسلكون في المعصية يحسبون "أبناء المعصية" (كو 3: 6)، ومن لا يبالي بهلاك نفسه يسمى "ابن الهلاك" (يو 17: 12)، وعلى العكس الذين يختبرون الحياة الجديدة المُقامة مع المسيح وفيه يعتبرون "أبناء القيامة" (لو 20: 36)، والذين يحبّون النور الإلهي، ويسعون نحوه فيدعون: "أبناء النور" (يو12: 36) و"أبناء النهار" (1 تس 5: 5) الخ.

    إن كان هؤلاء القادة قد اعتمدوا على نسبهم لإبراهيم، فيلزمهم تأكيد هذه البنوّة بذات الروح الذي عمل به أبونا إبراهيم، وإلا فإن الله يُقيم له أولادًا من الحجارة، وقد أقام فعلاً. لقد أخرج الله من الأمم التي تحجّرت قلوبهم أبناء لإبراهيم خلال الإيمان بالسيّد المسيح، الذي رأى إبراهيم يومه فتهلّل (يو 8: 56).

    يرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن هذا التشبيه جاء عن ولادة هذا الشعب خلال اسحق الموهوب لإبراهيم خلال رحم سارّة العقيم كما لو كان متحجّرًا. كان كالحجر في حالة موت غير قادر على الإنجاب، فأقام الله منه أولادًا لإبراهيم خلال قوّة وعده الإلهي وإيمان إبراهيم بالله القادر على الإقامة من الأموات. هذا ما قصده النبي عندما قال: "انظروا إلى الصخر الذي منه قُطعتم، وإلى نقرة الجب التي منها حُفِرتُم. انظروا إلى إبراهيم أبيكم، وإلى سارّة التي ولدتكم" (إش 51: 1-2). ها هو يذكرهم الآن بهذه البنوّة، فقد جعله الله أبًا لهم بطريقة معجزيّة كمن يُقيم من الحجارة أولادًا. الآن أيضًا يمكنه أن يفعل ذلك.

    ويرى القدّيس أغسطينوس أن الحجارة التي صارت أولادًا لإبراهيم إنّما تُشير إلى الأمم الذين عبدوا الأوثان فصاروا حجارة، وإذ قبلوا الإيمان الذي كان لإبراهيم صاروا من نسله روحيًا. إنه يقول: [يُقصد بالحجارة كل الأمم ليس من أجل قدرتهم على الاحتمال كالحجر الذي رفضه البنّاءون، وإنما من أجل غباوتهم وبلادتهم الباطلة، فصاروا كالأشياء التي اعتادوا أن يعبدوها، إذ عبدوا الصور الجامدة صاروا هم أنفسهم بلا حس؛ "مثلها يكون صانعوها بل كل من يتّكل عليها" (مز 115: Cool. لكنهم إذ بدأوا يعبدون الله، ماذا سمعوا بخصوصهم؟ "لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين" (مت 5: 45) إذ يصير الإنسان مشابهًا لمن يعبده. إذن ماذا يقصد بالقول: "الله قادر أن يُقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم" (مت 3: 9)؟... أي نصير أولادًا لإبراهيم بامتثالنا بإيمانه وليس بميلادنا من جسده.] كما يقول: [كنّا في آبائنا حجارة إذ عبدنا الحجارة كآلهة، من هذه الحجارة يخلقنا الله عائلة لإبراهيم.]

    ويقول القدّيس جيروم: [يستطيع الله أن يجعل من الحجارة أولادًا لإبراهيم؛ يُشير هنا إلى الأمم، إذ هم‎‎‎ حجارة بسبب قسوة قلوبهم. لنقرأ: "وأنزع قلب الحجر من لحمكمk وأعطيكم قلب لحم" (حز 36: 26). فالحجر صورة القسوة، واللحم رمز اللطف. لقد أراد أن يظهر قوّة الله القادر أن يخلق من الحجارة الجامدة شعبًا مؤمنًا.]

    "والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر.

    فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تُقطع، وتُلقى في النار" [10].

    ماذا يقصد بالفأس التي يضرب بها الشجر غير المثمر، أو الشجر الذي يحمل ثمارًا غير جيّدة إلا صليب ربّنا يسوع المسيح الذي يضرب أصل طبيعتنا الفاسدة ليهلك الإنسان القديم، مقيمًا الإنسان الجديد الذي على صورة خالقه الذي يقدّم ثمر الروح القدس المفرح. إنه يدفن الإنسان العتيق في مياه المعموديّة كما في القبر مع السيد، أو يُلقي به كما في النار ليقدّم لنا خبرة الحياة. لهذا فلا عجب إن كمَّل النبي حديثه بخصوص المعموديّة المسيحيّة، بكونها طريق هدم الإنسان القديم وقيامة الإنسان الجديد، إذ يقول: "أنا أعمّدكم بماء للتوبة، ولكن الذي يأتي بعدي من هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه، هو سيعمّدكم بالروح القدس ونار" [11].

    يقول القدّيس مار يعقوب السروجي: [المعموديّة هي الكور العظيم الممتلئ نارًا، فيها يُسبك الناس ليصيروا غير أموات.]

    يقول القدّيس كبريانوس: [إنها المعموديّة التي فيها يموت الإنسان القديم، ويولد الإنسان الجديد كما يُعلن الرسول مؤكّدًا أنه خلصنا بغسل التجديد.]

    يرى القدّيس يوحنا المعمدان أنه غير مستحق أن يحمل حذاء السيّد المسيح، وفي موضع آخر يُعلن أنه غير مستحق أن يحلّ سيور حذائه (يو 1: 27)، ماذا يعني بهذا؟ إن كان كلمة الله غير المُدرَك قد صار كمن يلبس حذاء بتجسّده، إذ صار كواحدٍ منّا يسير بيننا، فإن القدّيس يوحنا يُعلن أنه غير مستحق أن يحمل هذا السرّ الفائق الذي للتجسّد، ولا أن يحلّ أختامه (سيوره) إذ لا يمكن التعبير عنه.

    يقول الأب غريغوريوس (الكبير): [من لا يعرف أن الحذاء يُصنع من جلد الحيوانات الميّتة؟! إذ صار الرب متجسّدًا، يظهر بين الناس كمن هو محتذي، إذ لبس لاهوته غطاءً قابلاً للموت لذلك يقول النبي: "على أدوم أطرح نعلي" (مز 60: Cool. لقد أُشير للأمم بأدوم... خلال الجسد صار معروفًا لدى الأمم، كما لو أن اللاهوت قد جاء إلينا بقدم محتذي. لكن لا يمكن للعين البشريّة أن تخترق سرّ التجسّد. فإنه ليس من طريق به يتحقّق إدراك كيف صار الكلمة متجسّدًا، وكيف انتعش الروح العلوي واهب الحياة داخل أحشاء أم، وكيف حُبل بذاك الذي بلا بداية وصار إلى الوجود. إذن فسيور الحذاء إنّما هي أختام السرّ. لم يكن يوحنا مستحقًا أن يحلّ حذاءه إذ كان عاجزًا عن البحث في سرّ تجسّده... إني أعرف أنه وُلد بعدي، لكنّني أعجز عن فهم سرّ هذا المولود. انظر! فإن يوحنا الممتلئ بالروح - روح النبوّة - والمستنير بالمعرفة يُعلن أنه لا يعرف شيئًا بخصوص هذا السر.]

    سر نجاح القدّيس يوحنا المعمدان هو تواضعه؛ فبقوله إنه غير مستحق أن يحلّ سيور حذاءه يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم كأنما يقول: [إنه عالٍٍ عليِّ جدًا، ولا استحق أن أُحسب أقل عبد عنده، فإنّ حلّ سيور الحذاء هي أكثر الأعمال وضاعة.]

    بعد أن طالبهم بالتوبة العمليّة الحاملة للثمر الروحي، مقدّمًا لهم المعموديّة كسِّر صلب إنسانهم العتيق والتمتّع بالحياة الجديدة، متّحدثًا في تواضع أنه غير مستحق إدراك أسرار الحمل الفائق، أوضح مجيء هذا الحمل كديّان: "الذي رَفْشه في يده، وسينقّي بيْدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تُطفأ" [12].

    هكذا يقدّم لهم القدّيس يوحنا المعمدان السيّد المسيح كديّان، فإن كان بلطفه يترك الحنطة مع التبن إنّما إلى حين، وسيأتي الوقت حتمًا ليذَرّي الحصاد، ويفصل القمح إلى المخزن، والتبن إلى النار. الآن يعيش الأبرار مع الأشرار، والمؤمنون مع غير المؤمنين، حتى يأتي يوم الرب العظيم الذي يقوم بنفسه بالتذرية. يمسك رفشه في يده ولا يسلّمه لآخر، فإنه وحده العارف القلوب والقادر أن يفصل الحنطة من التبن بحكمة دون أن يخطئ.

    يطمئننا القدّيس أغسطينوس أنه وإن وُجدت الحنطة مختلطة بالتبن هنا، لكن هذا لن يؤذي الحنطة ولا يفقدها إكليلها، فسيأتي الوقت لعزلها عن التبن حيث يحرق التبن في النار: [هذا التبن لا يُهلك من هم حنطة الرب، والذين هم قليلون إن قورنوا بالآخرين، لكنهم هم جمع عظيم. لا يهلك مختارو الله الذين يُجمعون من أقاصي العالم، من أربعة رياح، من أقصى السماء إلى أقصاها (مت 24: 31). ويصرخ المختارون قائلين: "خلِّص يا رب، لأنه قد انقرض التقي، لأنه قد انقطع الأمناء من بني البشر" (مز 12: 1). فيقول لهم الرب: "من يصبر إلى المنتهى (حيث يُقيد الشرّ) فهذا يخلُص" (مت24: 13).]

    3. عماد المسيح

    "حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه.

    ولكن يوحنا منعه قائلاً:

    أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إليّ.

    فأجاب يسوع وقال له: اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمِّل كل برّ.

    حينئذ سمح له.

    فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء.

    وإذ السماوات قد انفتحت له،

    فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتيًا عليه.

    وصوت من السماوات، قائلاً:

    هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" [13-17].

    تحتفل الكنيسة بعيد عماد المسيح بكونه عيد الظهور الإلهي، حيث أعلن الثالوث القدّوس ذاته فيه. فإن كان عند نهر الأردن جاء كثيرون معترفين بخطاياهم، فإنه بدخول السيّد إلى المياه انكشفت حقيقته أنه أحد الثالوث القدّوس. دخل بين الخطاة لينكشف، فندرك أسراره، لا لمجرّد المعرفة العقليّة، وإنما لنختبر عمله الفائق فينا.

    يتحدّث القدّيس أغسطينوس عن ظهور الثالوث القدّوس في العماد، قائلاً: [بجوار نهر الأردن ننظر ونتأمّل كما في منظر إلهي موضوع أمامنا. لقد أعلن لنا إلهنا نفسه بكونه الثالوث. جاء يسوع اعتمد بواسطة يوحنا، الرب بواسطة العبد، مثالاً للتواضع. أظهر لنا في تواضع أن المحبّة قد كملت. وعندما قال له يوحنا: "أنا محتاج أن اعتمد منك، وأنت تأتي إليّ. أجاب: اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل برّ" [14-15].

    عندما انفتحت السماوات ونزل الروح القدس في شكل حمامة، تبعه صوت من السماء، قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" [17]. إذن هنا أمامنا الثالوث متمايزًا، الواحد عن الآخر: الآب في الصوت، الابن في الإنسان، والروح القدس في شكل حمامة. إنهم الله الواحد، ومع ذلك فإن الابن غير الآب، والآب غير الابن، والروح القدس ليس بالآب ولا بالابن. نحن نعلم أن هذا الثالوث الذي لا يُنطق به، يسكن في ذاته، يجدّد الكل، يخلق، يدعو، يدين ويخلّص، هذا الثالوث هو كما نعلم لا يُنطق به وغير منفصل.

    نستطيع أن ندرك مدى اهتمام الكنيسة بالمعموديّة من كلمات القدّيس جيروم: [لم يكرز المخلّص نفسه بملكوت السماوات إلاّ بعد تقديسه الأردن بتغطيسه في العماد.]

    1 و في تلك الايام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية
    2 قائلا توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات
    3 فان هذا هو الذي قيل عنه باشعياء النبي القائل صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة
    4 و يوحنا هذا كان لباسه من وبر الابل و على حقويه منطقة من جلد و كان طعامه جرادا و عسلا بريا
    5 حينئذ خرج اليه اورشليم و كل اليهودية و جميع الكورة المحيطة بالاردن
    6 و اعتمدوا منه في الاردن معترفين بخطاياهم
    7 فلما راى كثيرين من الفريسيين و الصدوقيين ياتون الى معموديته قال لهم يا اولاد الافاعي من اراكم ان تهربوا من الغضب الاتي
    8 فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة
    9 و لا تفتكروا ان تقولوا في انفسكم لنا ابراهيم ابا لاني اقول لكم ان الله قادر ان يقيم من هذه الحجارة اولادا لابراهيم
    10 و الان قد وضعت الفاس على اصل الشجر فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار
    11 انا اعمدكم بماء للتوبة و لكن الذي ياتي بعدي هو اقوى مني الذي لست اهلا ان احمل حذاءه هو سيعمدكم بالروح القدس و نار
    12 الذي رفشه في يده و سينقي بيدره و يجمع قمحه الى المخزن و اما التبن فيحرقه بنار لا تطفا
    13 حينئذ جاء يسوع من الجليل الى الاردن الى يوحنا ليعتمد منه
    14 و لكن يوحنا منعه قائلا انا محتاج ان اعتمد منك و انت تاتي الي
    15 فاجاب يسوع و قال له اسمح الان لانه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر حينئذ سمح له
    16 فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء و اذا السماوات قد انفتحت له فراى روح الله نازلا مثل حمامة و اتيا عليه
    17 و صوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 1:57 pm